قنشرين - فيلوكسينُس المنبجي Head

 

 

الاسم :فيلوكسينُس المنبجي الولادة: - الوفاة: 523 القرن: القرن الخامس
 

إنه أحد الآباء الأكثر تأثراً بالإتجاه الإسكندري (الإتجاه التنازلي )،وكان له دور كبير في تثبيت بطريركية أنطاكية والإتجاه اللاهوتي اللاخلقيدوني ،أي إتجاه الطبيعة الواحدة في المسيح .وهو الذي سند البطريرك سويريوس الإنطاكي .
دعاه الأنطاكيون الناطقون باليونانية ((فيلوكسينس))،أي محبّ الغربة ،والسريان ((أكسنايا))،أي غريب وتشير اللفظة إلى نمط من المتوحدين المتجولين ((الغرباء))أي غرباء عن هذا العالم في سبيل عالم الله .يذكر إيليا القرتمي إنّ أساس تسميته فيلوكسينس ،يعود إلى البطريرك بطرس القصار الذي اسامه أسقفا لمدينة ((منبج))(حالياً في منطقة الجزيرة بسوريا)تخليداً لأحد أساقفة هذه المدينة ،الذي كان يحمل هذا الإسم ،والذي حضر مجمع نيقية عام325 .
ولد فيلوكسينس في مدينة ((تحل))الواقعة تحت السيطرة الفارسية ،وهذا ما يفسّر دراسته في مدرسة الرها وملاقاته بأوساط رهبانية في آمد وأرزون وأديار طور عبدين ،وبالأسقف المونوفيزي سمعان الأرشمي .في هذه الفترة ،خصوصاً ،كان وضع المسيحيين المونوفيزي رديئاً ،إذ كانوا يُعدّون موالين للروم .
لا نعرف ،على وجه الدقة ،تاريخ ولادته ،فقد تكون في الثلث الثاني من القرن الخامس .جاء إلى مدرسة الرها بصحبة أخيه (أدي)لدراسة العلوم الدينية ،ولكن المدرسة في هذه الفترة كانت تعاني من الفوضى بسبب الجدالات والصراعات اللاهوتية:فهناك من يقبل أو يرفض أفسس وخلقيدونية والإثنين معاً وأخذوا يوجهون الإتهامات إلى بعضهم البعض .خُلع هيبا عام448 وأتى أسقف مونوفيزي يدعى نونا .يقول فيلوكسينس إنه طالع كتب ديودورس وثيودورس أكثر من تلامذتهما .بسبب هذه النزعات المتفاقمة قام الملك زينون بغلقها عام 489 .
على الأرجح زامنت دراسته يعقوب السروجي ،ولقد ذاق المرارة في المدرسة بسبب تبنيّه المسيحاني الإسكندري ووقوفه مع الأسقف الجديد نونا خلف هيبا ،فضايقه أنصار الإتجاه المسيحاني الإنطاكي واضطرّ إلى ترك المدرسة والتوجه إلى منطقة سوريا ،فوصل إلى انطاكية ،حيث إحتضنه بطريركها بطرس القصّار ،وكان ذلك نحو سنة470 _471 ،وارتبط مصيره به.ولما أبعد بطرس القصّار ،وحلّ محلّه قلنديون Calendion عام 482 ،ذهب فيلوكسينس إلى العاصمة البيزنطية سعياً لإعادة بطرس إلى أنطاكية وحصل على ما أراده وعاد الاثنان معاً إلى انطاكية عام484 ،وعُزل قلنديون ،فما كان من البطريرك إلا أن يكافئه على صنيعه برسامته أسقفاً لمنبج . تمّت رسامته على الأرجح في آب عام485 .كانت منبج ،الواقعة على بعد 160 كم شمال شرق انطاكية مدينة صناعية وتجارية ومدينة حدودية ،وبسبب موقعها الحدودي غدت قلعة عسكرية لصد هجمات الفرس الساسانيين .تمتّع الأسقف الجديد بامتيازات كثيرة في بطريركية القصّار وأدّى دوراً بارزاً ،وراح يصدّ زحف النساطرة وتأثيرهم ،وبشكل خاص إثر انعقاد مجمع بيث لافاط 484 ،والذي فرض برصوما أسقف نصيبين قراراته بقوة ،فجابهه فيلكوسينس بالوعظ والرسائل وبمساندة سمعان الأرشمي .وقد تبنىّ برنامج الإتحاد Henoticon وعمل جهده على فرضه ،وقاوم المدّ النسطوري !.
ويظهر إنه بدأ منذ عام 514 يشكو من مرض في جسده ،كما يذكر ذلك في رسالة إلى الراهب حبيب: ((أنت تشتمني بقولك إن صحتي الجسدية متردية ،وإن الآلام والأوجاع التي أعاني منها ،استحقها )).وحالما تسلّم رئاسة الأبرشية عمد إلى رفع أسماء بعض أساقفتها من سفر الأحياء Dyptics إن كان في أنطاكية أو في منبج وبتأثيره أدخلت على ترتيلة: ((قدوس الله))عبارة ((يا من صُلبت من أجلنا )).تُوفي زينون عام491 وجاء انسطاس ،كما أن بطرس القصّار توفي وجاء محلّه بطريرك جديد اسمه فلافيانس وتأزمت العلاقات بينه وبين أسقف منبج .في رسالة له إلى رهبان فلسطين عام509 ،يذكر أربع نقاط أساسية للخلاف : طالبه بحرم نسطوريس ومعلميه وتلامذته ،وبمصادقة الفصول الاثني عشر لقورلّس الإسكندري ضد نسطوريس ،قبول مرسوم الإتحاد ،تعميم الصيغة المسيحانية المونوفيزية وتحريم الصيغة النسطورية الخلقيدونية .

على إثر هذا النزاع يسافر فيلوكسينس إلى القسطنطينية لمقابلة الامبراطور انسطاس ،فعُزل فلافيانس وانتُخب سويريوس لكرسي انطاكية ،وذلك عام512 .واحترم البطريرك الشاب أسقف منبج الشيخ ،واعتبره أباً وقوراً وكان يستشيره في أمور كثيرة بالرغم من تباين ثقافة الاثنين .مات انسطاس 518 وخلفه يوستينوس الأول . بمجيئه أعيدت الشركة الكنسية بين روما والقسطنطينية بعدما كانت مقطوعة بسبب مرسوم الإتحاد ، وأرسل البابا هرمزد وفداً يحمل شروطاً عسيرة للوحدة ،عممّها الامبراطور الجديد بمرسوم Libellus الصادر في22 نيسان عام518 ،ولاحق رافضيه .على إثر ذلك ،هرب سويريوس في نهاية أيلول عام518 إلى مصر .أمّا أسقف منبج ،فخُلع ونُفي واحتُجز في مدينة غنفرة ،وتوفي في 10 كانون أول عام523 في ظروف قاسية وتعذيب شديد .ثم نُقلت رفاته أولا إلى منبج ،بعده إلى مديات إحدى مدن طورعبدين ووضعت في كنيسة تحمل إسمه .

تآليفه :
الإرث الأدبي ،الذي خلفه فيلوكسينُس ،غزير وهذا دليل أن انشغالاته الرعوية وسفراته لم تُلهه عن الكتابة ،فهو لاهوتي ومفسّر ومرشد روحاني .يقول إيليا القرتمي(القرن13 )إن له 170 مجلّدا ((فنقيث)) في تفسير الكتب المقدسة ،وفي العقيدة و150 مجلداً في تراجم الأعياد السيّدية والدورة الطقسية ،و10 مجلّدات تخص الرهبان والمتوحدين و22 مجلداً تضمّ رسائل معنونة إلى أشخاص عديدين و6 كتب ضد نسطوريوس وبرصوما النصيبيني و13 ضد مجمع خلقيدونية (الميمر ص7 _8 ).أمام هذا الكم الهائل من التآليف ،يحتار المرء ويتساءل .ما طبيعة ونوعية هذه المجلدات ،هل هي مقالات بسيطة أم كتب منهجيّة ؟لا يذكر إيليا أي تفاصيل .أمّا ماروثا التكريتي (+649 )فلا يعرف من مؤلفات فيلوكسينس سوى كتابين ضد برصوما (رسالة إلى يوحنا ص 427/400 )،في حين ميخائيل الكبير وابن العبري يذكران أن له كتباً في الزهد والطقوس وضد النساطرة ،ولكن من دون ذكر نوعيتها وعددها (التاريخ ص157/258 ؛التاريخ الكنسي ،عامود183 _184 ).فلا يزال قسم مهم من تآليف فيلوكسينُس في رفوف المكتبات العالمية من دون نشر :المتحف البريطاني والمكتبة الفاتيكانية .وما نُشر بإمكاننا تقسيمه إلى 3 أقسام :

أ _البيبلية :
1-ترجمة العهد الجديد إلى السريانية المعروفة ب((الفيلوكسينية)).قام بهذا العمل بمساعدة الخوراسقف بوليكربس .إنه لم يعتمد على الترجمات السابقة ،بل قام بعمل أصيل ،ولا تضم الرسائل الأربع الصغرى ولا سفر الرؤيا .وهدف المترجم هو ضبط المعاني اللاهوتية العقائدية بحسب اتجاهه وليس ضبط اللغة
2-الأيام الستة (هيكساميرون)حفظت مقاطع منه في كتاب موسى بركيفا ((الفردوس )).ضمنّه نظرياته في الكون والإنسان واللاهوت والمسيحانية .
3-تفسير الأناجيل .لا يتبع الكاتب تفسيراً متسلسلاً لكل إنجيل ،بل يفسّر مقاطع مختارة يوظّفها في تبيان ((العقيدة المستقيمة)) ودحض الآراء المنحرفة .إنه ركّز على متّى ولوقا ويوحنا وقلّما على مرقس . DE HALLEUX , Commentaire du prologue johannique CSCO 380-1(syr 165-6(1977) FOX , D. J .The Matthew – Luke Commen- tary(SBL Dissertation Series, Missoula 1979)’WATT , J .W. Fragme- (1978)2 nts of the Commentary on Matthew and
Luke CSCO 392 –3 (Syr 171-
4-تفسير سفر الأعمال 2/22 والرسالة إلى أفسس 1/11 وتفسيره عقائدي أيضاً .

ب ـ الرسائل
كتب فيلوكسينُس عدة رسائل إلى أشخاص عديدين ،متناولاً فيها مواضيع شتى ،أهمها :
ـ الرسالة العقائدية إلى الرهبان ،والرسالة الأولى إلى الرهبان بيث كوكل والرسالة إلى الامبراطور زينون ،نشرها فشالدي Vaschalde , Three letters of philoxe- nus bishop of Mabbogh . Tipografia della R . Accademia dei Lincei , Roma 1902
ـ الرسالة إلى أحد تلامذته والرسالة إلى يهودي مهتدٍ صار راهبا مترجمة إلى الفرنسية: ALBERT M in OS 6 (1961) 243 243 6 (1961)41 –50
 ـ الرسالة إلى رهبان فلسطين وإلى مجمع أفسس وإلى الرهبان الشرقيين ،ترجمها DE HALLEUX , A., Textes I , le Museon , 75 (1962)31-62 Textes:II ,76 (1963)5-26
ـ الرسالة إلى رهبان سنون ،نشرها مع ترجمة فرنسية :ده هاليه في جمهرة الكتبة المسيحيين الشرقيين رقم 231 ،سرياني 98 ،لوفان 1963 .
ـ الرسالة الثانية إلى رهبان بيث كوكل ،ترجمها ده هاليه إلى الفرنسية في : Le Museon 96 (1983)5-79
ـ الرسالة إلى محام صار راهبا ،يجربّه الشيطان ،والرسالة إلى رئيس دير في موضوع الرهبانية ،ترجمهما ونشرهما :GRAFFIN, F ,OS 5(1960)183-196 6(1961)317 –352&455-486,7(1962)77-102
ـ الرسالة إلى أبي نفير ،نشرها :TIXERONT , J. in OC8 (1903) 623-630
ـ الرسالة إلى رهبان تلعدا ،نشرها كويدي في :GUIDI, I, (Atti del Accad dei lincei, III, 12 )Roma 1884 ـ الرسالة إلى راهب مبتدىء والرسالة إلى صديق ،نشرهما :OLINDER , G , (Goterugs Hogskols arsskrift , 47 , 21 )Gothenbourg 1941 56 (1950)
ـ الرسالة إلى رهبان آمد ،نشرها فوبوس :VOOBUS ,A , Syriac and Arabic Document regarding Legislation Relative to Syrian Asceticism (Papers of the Estonian Theological Society in Exile , II Stockholm , 1960.
ـ الرسالة إلى القارىء مارون ،الرسالة إلى الرهبان بخصوص ديوسقورس ،الرسالة إلى سمعان التلعدي والرسالة إلى الرهبان الأرثوذكس الشرقيين ،قام بنشرها وترجمتها إلى اللاتينية :LEBON, J , Textes inedits de Philoxene de Mab-boug , Le Museon 43 (1930)17 84 , 149 –220
ـ الرسالة إلى باتريسيوس :LAVENANT, R , PO 30 (1963) وكان السمعاني وكومسكو قد نشرا نتفاً منها .
ـ الرسالة إلى الكاهنين الرهاويين :إبراهيم واورينوس ،نشرها :FROTHI- NGHAM , Bar Sudayli , Leyde 1886 , PP. 28-48 L 47 –62
ـ هناك عدد كبير من الرسائل طيّ المخطوطات ،لم ينشر بعد ،وقد قام ده هاليه بتقديم قائمة بأهمها.

ج ـ العقيدة :
VASCHALDE ,De Trinitate et Incarnatione , CSCO , 9 , (syri2)Paris 1907.
ـ مقالة في ترتيلة ((قدوس الله ))،نشرها مع ترجمة لاتينية:BRIERE , M . in PO 15 (1927) 439 –542. ـ ميمر في حلول الروح القدس :TANGHE A , LE MUSEON 73 (1960) 39-71.
ـ ميمر في البشارة :KRUGER , P , OCP , 20 (1954) 153-165
ـ المجلّد ضد حبيب النسطوري ،نشره مع ترجمة لاتينية :BRIERE , Dissera- tiones ,PO 15 (1927)439-542 هناك ميامر لاهوتيّة غير منشورة

د ـ الروحانيات
ـ طريق الكمال: نشره في مجلّدين مع ترجمة إنكليزية بدج :BUDGE , W ,The Discourses of Philoxenus ,London 1894 –1893 ،وهناك ترجمة فرنسية قام بها :LEMOINE , E , SC 44 , Paris 1956 وقام المطران (البطريرك)زكا عيواص بطبع النص السرياني مع مقدّمة ،ونشره مجمع اللغة السريانية ،بغداد 1978 .

هـ الطقسيات
كتب فيلوكسينُس صلوات كثيرة وتراتيل ورتبة عماد ،نشرها السمعاني مع ترجمة لاتينية : Codex Liturgicum 2 , 307 –309 ,DENZINGER , Ritus Orientalibus , I , 318 وله ثلاث انافورات (طالع الطقس السرياني الأنطاكي الكاثوليكي المنشور في روما سنة 1843 ص 155 ـ 161 وقد ترجم الانافورا الأولى والثانية إلى اللاتينية رونودوت: Cattedre , 2 , 301- 309 et 310 –320

لاهوته :
أسلوب فيلوكسينس أنيق ،لبق ،ولغته صافية وبليغة ،وقد عُدّ من كبار أدباء اللغة السريانية الكلاسيكية بعامّة والأدب الديني بخاصّة .
كتب بالسريانية لغته الأم ،وكان يعرف اللغة اليونانية أيضاً لاهوته متأثّر بلاهوت الخلاص لاثناسيوس الاسكندري وبأنآسة (انتروبولوجيا)أفغاريس .ومن المؤكد عرف كتابات أفرام وكُتب أئمة الطبيعتين (النساطرة).
عقيدته المسيحانية نابغة من قناعته ومن تنشئته اللاهوتية .لاهوته دفاعي ـ هجومي ،وقد قاوم النسطورية بضراوة ،عادّاً إياها خطراً يهدد الإيمان المستقيم ،وهذا ما أفقده شفافيته .إنه مجاهد من الدرجة الأولى ،ومتمكّن في جميع المجالات .

مسيحانيته :
1-الصيرورة تتجه مسيحانية فيلوكسينس: في طريق النظريات المدرسية المبنية على أن اونطولوجيا الكلمة المتجسد ، وكل أطروحاته تسبح في فضاء صيرورة مزدوجة :الله يصير إنساناً حتى الإنسان يصير إبناً لله .ويعترض على الصيرورة المبنية على مبدأ الإتخاذ أو الإنتقال Assumption النسطورية والتغيير الاوطاخية .
المنبجي لا يستعمل لغة لاهوتية ثابتة ولا منهجية متدرّجة ،وعباراته غير محددّة ،لذلك يجب فهمها في سياقها وإطارها .نظرته شاملة ثرية بالحدس .
ويُعد مع سويريوس الانطاكي أول مؤسسي ومبلوري اللاهوت المونوفيزي المرتكز أساسا على المسيحانية .
لا يمكن حصر المسيحانية المونوفيزيّة في العبارة الكلاسيكية :الطبيعة الواحدة المتجسدة Mia Phusis Sesargomene .لقد أوجد فيلوكسينس في المسيحانية مبدأ الصيرورة من دون تغيير أمام أيّ احتمال ثنائي في المسيح .وهو لا يرى الوحدة في المسيح إلا كنتيجة حتمية لهذه الصيرورة التي تشكّل في نظره ،جوهر السر المسيحاني .وكأن الصيرورة والتدبير مترادفان لأنهما يتضمنان كل حياة السّيد بالتدبير يحدد في الجسد :إن سبب التدبير في الجسد هو اكتمال السر الخفي في سابق علم الله الآب ،والمولود قبل الأزمنة ،يتأنس في ملء الزمن(تفسير متى3/1 ـ 16 ).
أما الصيرورة فتعني عموماً أتى إلى الوجود ،إلى الكينونة ،وبشأن ((الكلمة))فهو يمثّل صيرورة دائمة من دون انقطاع ومتجددة .يستند في ذلك إلى قانون إيمان نيقية ـ القسطنطينية الأول .يقول: ((إن آباءنا ال318 وال150 كتبوا بدقة وحكمة العبارة التالية في قانون إيمانهم: ((إله من إله ،نور من نور ،إله حق من إله حق ،من نفس طبيعة الآب ،نزل وتجسّد وصار إنساناً ،هكذا علّمنا آباؤنا شيئين في واحد :إن إلهاً من إله نزل وتجسد وصار إنساناً (ضد حبيب فصل4/ص35).
ويؤكد هذا في تفسير يوحنا: ((هوذا تقليد الآباء في قانون إيمانهم:أولاً إن الكلمة تجسّد ،أي صار جسداً ،وهذا يتطلب نفساً وعلّموا أنه صار إنساناً .إقتبسوا كلمة ((تجسد))من يوحنا1/14 ،ثم راق لهم أن يضيفوا ((صار إنساناً))بسبب غلاطية 4/4 ،إنه واضح أن ليس جسد من دون النفس صار تحت الناموس))(تفسير يوحنا ص187).
ويرى أنّ عبارتي ((أم الله)) و((الواحد من الثالوث))ليستا سوى صدى لقانون نيقية . يتجلّى هذا في ميامره ضد حبيب ،والتي يوجزها الأب ده هاليه في النقاط الخمس التالية :
1-إن أقنوم الابن ،الواحد من الثالوث ،الله الكلمة ،نزل وحلّ في حشا العذراء . 2-تجسّد فيها وصار إنساناً من دون أن يتغيّر .
 3-ولد منها وهي بالتالي والدة الإله
4-ليس واحداً وآخر ،بل هو الله الكلمة وهو واحد .
5-الله تألم ومات وصُلب . وما يراه يحصل للمسيح ،أي الصيرورة ،يحصل للمسيحي في اقتباله الأسرار (ضد حبيب فصل5 و8 وتفسير يوحنا ص13 ـ 14 ،كتاب الأحكام 2ص41 )ويرفض أن يرى المسيحيين من دون روحيّة وثقافة عميقتين . ((إن الإنسان الجديد ،المولود بالمعمودية ،يقدر أن يسمع الكلمات المرتبطة بسّر الإيمان ،ولكن حتى يكون كاملاً..ينبغي أن يدرك الفضيلة والحكمة التي تتضمنها الكلمات التي كان فقط سمعها (تفسير يوحنا ص127 ).
2-الصيرورة والإتخاذ أو السكنى معاً : فيلوكسينس لا يخرج في مسيحانيته عن إطار الصيرورة .إنه يفهم الديوفيسيين ،أي القائلين بطبيعتيين وأقنومين في المسيح على النحو التالي :إنسان يصير ،أي مخلوق ،مختار ،مدعو إلى أن يصير إبناً لله (نوعا من التبنّي)وإلها بالنعمة ،إن كان في الرحم أو بعد الولادة أو في المعمودية أو القيامة .
هذه البنوة ترتكز على سكنى الله في الإنسان المختار على غرار سكناه في الهيكل أو في آباء وأنبياء العهد القديم. أو يلبسه مثلما نلبس الثوب ويصير معه شخصاً واحداً شرفياً (طالع الرسالة الأولى إلى رهبان تلعدة ص464 ـ 465 ،والرسالة إلى رهبان بيث كوكل 148 ـ 149 ،والرسالة إلى رهبان سنون3 ـ 15 ).
بالتأكيد هذا سوء فهم أو فهم حرفي من دون الدخول في المدلول العميق للعبارات المستخدمة ،إذ كل طرف يستعمل نفس الكلمات ،ولكن يعطيها معنى مختلفاً .

فيلوكسينس يعرف جيداً كتابات الآباء الانطاكيين ،وكان باحتكاك دائم مع المد النسطوري الحدودي ،فيعتقد أن النساطرة قلبوا مفاهيم الكتاب المقدس فعوض أن يقولوا : ((الكلمة صار جسدا وحلّ فينا))قالوا: ((صار جسداً والكلمة سكنَ فيه))(تفسير يوحنا ص184 ـ 185 ). ويتصور أن كلمة ((اتخذ))تعني إنساناً كاملاً وكأنه سابق للتجسد .
ومع هذا يقر بأن الكتاب المقدس عندما يتكلم عن صيرورة الكلمة يصف التجسّد كاتخاذ, يقول : ((الإثنان يذكرهما الكتاب المقدس ، وإذا اعتبرنا ((صار))خطأ ،فيجب أن نعتبر في الوقت نفسه ((اتخذ)) خطأ أيضاً .فالكتاب المقدس هو الذي يقول ((صار))وهو الذي يقول أيضاً ((اتخذ))(ضد حبيب 8/ص73)((إنه وفقاً للكتاب المقدس قال الآباء مع يوحنا الإنجيلي ))الكلمة صار جسداً ))(يوحنا 1 ـ 14 )ومع بولس اتخذ من نسل إبراهيم (عبر2 ـ 16 )وباعترافهم إنه اتخذ صار ،وضعوا إنه لم يتغيير قط ))(تفسير يوحنا ص42 ) ويؤكد: ((إن الكلمة لم يتحول إلى جسد ولم يتخذ إنسانا موجوداً مع أقنومه الخاص ولكن أقنومه ،أي شخصه صار إنسانا ،كما هو مكتوب ،وظل من دون أن يطرأ عليه تغيير ))(ضد حبيب 8/73 ) إنه يعتبر العبارتين غير منفصلتين لفعل واحد ،الكلمة يتخذ بالصيرورة ويصير بالاتخاذ (ضد حبيب فصل 4/34 ).مع هذا يبقى تعبير ((الصيرورة ))أدق وأضبط .
3-الصيرورة من دون تغيير : في فكر فيلوكسينس إن الإنجيل وكل التقليد المسيحي يتطلبان الإيمان بسر التجسد كصيرورة الله ،ولكن يجب فهمها بشكل يليق بمستوى الله ،أي من دون ألم ولا تحول ،هذا مرتبط بطبيعة المخلوق الخاضع للتغيير وليس الخالق .يقول فيلوكسينس : ((حتى لو قلت إن((صار))تشير إلى ((اتخذ)) ،فإنك لا تقدّم تفسيراً للواقع ،بل تضاعف العقدة وتضيف صعوبة إلى صعوبة ،وتغطي السّر بحجاب ،ولو اعترفت أن ((صار))هي مثل ((اتخذ))،فليس هذا تفسيراً ،بل وضعت كلمة محل أخرى .ف((اتخذ)) تبقى من دون تفسير مثل((صار))(الرسالة الثانية إلى بيث كوكل ص51 ).
يرى المنبجي أن استعمال كلمة ((اتخذ))يتضمّن التباساً وخلطاً قد يقود إلى أخطاء في المسيحانية مثل الظهرانية والاوطيخانية .. ولكنه يدرك الصعوبات التي يصادفها في تفسيره التجسّد والصيرورة ،ويسعى جهده أن يذلّلها في ميامره ضد حبيب وفي الرسالة إلى رهبان سنون . إن عدم التبدّل Immutability ، مثل الصيرورة ،ليس مسألة فلسفية فحسب ،بل هي عقيدة إيمانية مفروغ منها كما جاء في قانون نيقية ((الإيمان هو الثقة بالله من دون فحص ،وقبول كلماته الحق من دون البحث في طبيعته ..الله أعظم من أن يخضع لمجال فحص أفكارنا وتدبيره يتجاوز مجال بحث علومنا .
أعماله تسير بتناغم مع طبيعته ،كذلك طبيعته لا تخضع للفحص ولا أعماله للبحث ..يجب الإيمان بوجود الله ،ومن يؤمن بأنه موجود لا يبحث عن :منذ ومتى وكيف أو بأي شكل ،وبسبب ماذا .هذه جسارة تقوم بها نفس لم تختبر الله .ومن يختبر الله ،عليه أن يكتسب روحية طفل تجاه الله وعنايته ،كما الحال بالنسبة إلى الطفل ووالديه)) (الموعظة 2 SC ص51 و52 و53 ).وهذه الصيرورة ليست طبيعية وجودية كحاجة إلى الكمال في ذات الباري ،بل هي مبادرة إلهية حرّة : ((إن الله يكمل تصميمه بإرادته من دون أن تُصاب طبيعته بأذى ..الابن يشبه الآب في كل شيء بالطبيعة والإرادة .ولأن الآب يريد أن يصير الابن إنساناً ،يقبل الابن إرادته وصار ما سُرّ به الآب ،ولأن طبيعة الآب ثابتة لا تتغير ،فالابن أيضاً يبقى ثابتاً في وجوده (تفسير يوحناص17 ). إن مفهوم الطبيعة عند فيلوكسينس يختلف عموماً عن المفهوم الذي نستعمله في الفلسفة ،والذي له معنى محدّد ،فهو يستعمله مرات عديدة كفكرة عامّة تدخل في تعريف تركيبة الكائن ونشاطه ،في حين الأقنوم هو القاعدة التي تجعل الطبيعة المشتركة بين الجنس الواحد ،خاصّة وفردية (الرسالة إلى رهبان سنون 41 ـ 42 ).فالأقانيم الإلهية الثلاثة تشترك بالطبيعة نفسها والقدرة والخلق والإرادة والسلطة ،ولكنها تتميّز بأن الابن مولود لا يلد ،والروح منبثق (تفسير يوحنا ص153 ).ويرفض أن يعدّ الأقانيم بطريقة حسابية1+1+1 ،فالطبيعة الإلهية واحدة ولكن في ثلاثة أقانيم ،وهناك وحدة الأصل والعدد (ضد حبيب 11/493 ـ 495 ). والطبيعة والأقنوم في الثالوث لا يختلف استعمالهما أحياناً في مسيحانية فيلوكسينس ،فالطبيعة المتجسّدة هي أقنوم الابن ولا يمكن أن تدخل على طبيعته الواحدة طبيعة ثانية ،ولا أن يدخل الثالوث أقنوم رابع (الرسالة إلى زينون ص172 وكذلك ضد حبيب10/101 ).الابن هو سرياني ، الله يعني الطبيعة ،والكلمة يعني الأقنوم وهو متميزّ عن الآب والروح (ضد حبيب 4/35 ،9/92 ).ولهذا السبب لا يوجد في المسيح سوى طبيعة واحدة وأقنوم واحد هو أقنوم الكلمة المتجّسد من دون مزج ولا خلط ولا تحوّل ولا ذويان .نتيجة هذا الواحد تكون مريم منطقياً ووجدانياً ((أم الله))(ضد حبيب 4/36 ).
4-الخلاص : إن المسيح ،في نظر المنبجي ،بصيرورته إنساناً لم يتحد بإنسان واحد فرد ،إنما اتحد بالطبيعة البشرية ولهذا السبب لم يخلص إنساناً فرداً ،بل الجنس البشري كلّه .إن ((الكلمة))يجمع في شخصه كل تصاميم الله الخلاصية ،لذلك التدبير والتجسد قريبان جداً من بعضهما البعض : ((فهو يجمع ويجدد ويدمج كل الخليقة بالآب ))(تفسير متى3/ص202 ).وهذا يتماشى مع مفهومه للصيرورة . يمكن إيجاز عقيدته للخلاص البشري في هذا القول الذي نجده عند معظم آباء الكنيسة : ((إن ابن الله يصير ابن الإنسان حتى نصير نحن أبناء الله ))(الحكم 3/ص203 )فصيرورة الله تهدف إلى صيرورة الخلائق من جديد ((يصير من أجلنا وبسببنا حتى يجعلنا أبناء أبيه السماوي ..لقد صار إنساناً حتى نصير نحن ما هو عليه ،أي أبناء الله …بالحقيقة إنه تبادل عجيب يحصل للبشر في المعمودية حتى يصيروا أبناء الله))(الحكم 3/ص229 ).ويشرح تدبير هذا الخلاص : ((من العذراء إلى العماد ،ومن العماد إلى الصليب ،يشكّل موته قمة الخلاص .فبموته على الصليب هدم قوى الشيطان والموت والفساد ،بإعطائه الروح ))(الرسالة إلى رهبان سنون ص59 ).هذه هي ركيزة مسيحانية فيلوكسينس وهي ركيزة لاهوته الخلاصي .

روحانيته :
إن روحانية المنبجي ،التي تظهر من خلال كتاباته لاسيما مواعظه ،مبنية على جدلية الإيمان والأعمال. فهو ،كما جاء في الموعظة الأولى ،لا يعترف بشيء من أيّ مستوى كان من دون أن ينطلق من الإيمان ،((فالصوم ليس صوماً إذا لم يرافقه الإيمان ويبقى ظلاً بل جسداً ))(الموعظة 2/49 ـ 50 ) والإيمان هو يحقق فينا سّرياً العمل المنجز في المعمودية .بالإيمان نبني ونحقق حياتنا الروحية والأدبية ، ونبنيها على الصخرة التي هي ((المسيح)).هذا هو الإنسان الجديد المولود بالمعمودية ومن دونه نكون قد شّيدنا حياتنا على أساس هش ((الرمل)).
ـ رمز الإنسان العتيق المولود في العالم (الموعظة الأولى 4 ـ 5 ،طالع النص المختار أدناه).ولو ألقينا نظرة على المواضيع التي تناولها في مواعظه ،لتبيّن لنا أنه لا يكتب إلى الرهبان فقط ،بل إلى أبناء الكنيسة وهو واحد منهم .فهو يحكي عن الإيمان ،بر الشريعة وبر المسيح والبساطة ومخافة الله ونكران الذات والشهوة والانقطاع والدعارة ،لكنه يقر بأن تحقيق هذا الإنسان الباطني صعب جداً ونحن باقون في العالم .ويحذر تلاميذ المسيح بأن العيش مادياً خارج العالم ،غير كاف لعيش الإيمان والسلوك بحسب الروح أو ((الإنسان الداخلي)).
بالتأكيد فيلوكسنس متأثر بخبرة العالم الصاخب والمتقلب الذي عاش فيه .

نصوص مختارة
من التلميذ الحقيقي ؟
((إن ربنّا ومخلصنا يسوع المسيح دعانا في إنجيله الحي إلى الدنو بحكمة من أعمال حفظ وصاياه ،وإلى وضع كما يجب في نفوسنا أسس تعليمه حتى ينمو بنيان سلوكنا بشكل مستقيم .
إن من لا يعرف كيف يبدأ بحكمة بناء هذا البرج الذي يرتفع إلى السماء ،لا يقدر أن يكمل البناء ويتممّه بحكمة .
فالمعرفة والحكمة تقودان وتكملان بداية ونهاية وأسس كل هذه الأشياء .
من يبدأ هكذا دعاه إنجيل مخلّصنا حكيماً: ((مثل من يسمع كلامي هذا ويعمل به كمثل رجل حكيم بنى بيته على الصخر .
فنزل المطر وسالت الأودية وعصفت الرياح ،فثارت على ذلك البيت فلم يسقط،لأن أساسه على الصخر .
ومثل من يسمع كلامي هذا فلم يعمل به كمثل رجل جاهل بنى بيته على الرمل ،فحالما عصفت به بعض الرياح قلبته (متى 7/24 ـ 27 )..
إذن نحن ملزمون كما يقول معلمنا ألا نكون مستمعين دائميين لكلمة الله فحسب ،بل مطبّقين إياها .
ومن يعمل بها من دون أن يسمعها لهو أفضل ممن يسمع ولا يعمل ،كما قال بولس الرسول: ((فليس الذين يصغون إلى كلام الشريعة هم الأبرار عند الله ،بل العاملون بالشريعة هم الذين ينالون البر .
فالوثنيون الذين بلا شريعة ،إذا عملوا بالفطرة ما تأمر به الشريعة ،كانوا شريعة لأنفسهم ،مع أنهم بلا شريعة ،فيدلّون على أن ما تأمر به الشريعة من الأعمال مكتوب في قلوبهم وتشهد لهم ضمائرهم ))(روميه 2/13 ـ 15 ).
جميل سماع الشريعة لأنه يقود إلى الأعمال ،وجميلة قراءة الكتب المقدّسة والتأمل بها لأنها تنقي عقلنا الخفي من الأفكار الشريّرة ولكن إذا قرأنا وسمعنا وتأملنا باستمرار بكلمة الله ،ولا نترجمها إلى عمل ،فقد سبق الروح بفم الطوباوي داود أن لام ووبّخ على هذا الشر وحرم حمل الكتاب المقدس بيدينا الدنستين : ((يقول الله للشّرير :ما لك أن تحمل كتاب عهدي ؟وأنت أبغضت مشورتي وطرحت كلامي وراءك )) (مزمور50(49 ):16 ـ 17 ).من يواظب على القراءة ،وهو بعيد عن العمل ،يجد دينونته في قراءته ،ويستحق حكماً عظيماً لأنه احتقر ما يسمعه كل يوم .
إنه مثل ميّت وجثّة من دون روح ،حتى لو دقّت آلاف الأبواق والقرون في إذن الميت لا يسمع ،هكذا النفس المائته في الخطيئة والعقل الذي نسى ذكر الله ،لا يسمع نداء كلماته ،ولا يحركه بوق الكلمات الروحية .إنه غاطس في سبات الموت وهذا يسعدهم .وبما أنهم موتى ،فلا يحسّون بالحاجة إلى الإهتداء وطلب الحياة تماماً ،مثلما أنّ الميت الطبيعي لا يشعر بموته ،هذا هو حال من يموت من معرفة الله ،لا يتألم ولا يفكّر في طلب العودة إلى الحياة .
هكذا اليهود لما رأى الله أنهم ماتوا وسدّوا آذانهم وعيونهم وقسّوا قلوبهم حيال معرفة الله ،أرسل إليهم أشعيا ليوقظهم وينادي في آذانهم : ((أصرخ عاليا ولا تتردد وارفع صوتك كالبوق ، أخبر شعبي بمعصيتهم وبيت يعقوب بخطاياهم ))(أشعيا 58 ـ 1 ).وفي مكان آخر يقول له الرب: ((إقرأ فقلت :ماذا أقرأ .كل بشر عشب وكزهر حقل بقاؤه))(40 ـ 6 )،أي إنهم مثل العشب والزهر ييبسان في الشمس ولا يستطيع المطر ولا ماء الينابيع أن يرطّبهم لأنهم فقدوا رطوبتهم الطبيعية هكذا هي حال الشعب الذي فقد الحياة الروحية ،يصير مثل عشب وورد يذبل وييبس من حرّ الشر ووسط النسيان .
تموت النفس لما تنسى ذكر الله ويموت معها رُشدها والتفكير بالأمور السماوية ،إنها تعيش طبيعياً ولكن مائته إرادياً ،إنها موجودة في تركيبها ولكنها مائته في حرّيتها . ضروري إذن لتلميذ الرب أن يتعمّق في ذكر معلمه يسوع في نفسه ،وأن يتهجى به ليل نهار .
يجب أن يتعلّم من أين يبدأ ،وكيف ومن أيّ جهة يرفع منازل بيته وكيف ينهيه حتى لا يسخر به كل عابري السبيل ،كما ذكر الرب بشأن الرجل الذي شرع في بناء برجه ولم يكمله ،فغدا موضوع استهزاء واحتقار المشاهدين .ومن هو هذا الرجل الذي تكلّم عنه مخلصنا وقد بدأ ببناء برجه ؟ إنه التلميذ الذي سار في طريق الإنجيل ! وبداية المسيرة هي وعده وعهده مع الله :وعد بأن يخرج من العالم ويحفظ وصاياه ويبدأ ويسير وينتهي بجمع وجلب الحجارة الجيّدة من كل مكان والنظم الجميلة لبناء البرج الذي يصعد إلى السماء .إن الأساس ثابت ووطيد كما يذكر بولس الرسول:إنه يسوع المسيح إلهنا .
وكل واحد يبني على هذا الأساس كما يشاء لأنّ الأساس يجمع في محبته كل ما يبنى فوقه إلى يوم ظهوره ،حيث أعمال كل واحد تُفحص وتُمتحن ،وإن (المسيح)الذي هو أساس وقاعدة البناء سوف يقام ديانا ورأسا وقمة البناء كما يقول بولس الرسول : ((فكل من بنى على هذا الأساس بناء من ذهب أو فضة أو حجارة أو خشب أو قش أو تبن ،فسيظهر عمله ويوم المسيح يعلنه لأن النار في ذلك اليوم تكشفه وتمتحن قيمة كل واحد))(1 قورنثية3/12 ـ 13 ).إنها نُظُم وجمال البر هي التي قارنها بولس بالذهب والفضة والحجارة الكريمة :الإيمان هو الذهب والتعفف والصوم والإنقطاع وسائر أعمال البر هي الفضة ،والمحبة والسلام والرجاء والأفكار النقية والمقدسة والعقل الروحي الذي يتأمل في عظمة الله وكيانه ويحفظ الصمت مرتعداً أمام أسراره غير المدركة والثابتة :هي الأحجار الكريمة .
أما الظلام والشر وأعمال الشهوات ،فهي الخشب والقش والتبن .
(الترجمة الفرنسيةSC ص27 ـ 31 والنص السرياني ،طريق الكمال ص3 ـ 8 ).

 
من موسوعة قنشرين للآباء والقديسين
Print
Send to friend
Edit
Back
طباعة
أرسل لصديق
تعديل
عودة
 

 

 
 
         
         
         
   

Qenshrin.com
Qenshrin.net
All Right reserved @ Qenshrin 2003-2015