قنشرين - إبراهيم النثفري Head

 

 

الاسم :إبراهيم النثفري الولادة: - الوفاة: - القرن: القرن السادس
 
إبراهيم هو أحد تلامذة إبراهيم الكشكري ،مؤسس الحياة الديرية عند المشرقيين .ولد في قرية نثفر (نفتر ؟)في مقاطعة حدياب (اربيل)وقد تكون ((كوير))الحالية .فالكلمتان تعنيان قاراً أو نفطاً يقول عنه كتاب العفّة : ((أصله من بلد حدياب ،من قرية بيث نثفر ،وأبواه المؤمنان من عشيرة الشهداء ، الذين قتلهم شابور الملك ،وخلط دماءهم بمياه النهر الذي يجري بجانب بيت نثفرا (هو الزاب الكبير) (العفة رقم43 ).ويعطينا التاريخ السعردي تفاصيل أخرى عنه: ((هو من أهل حزّة من قرية يقال لها بيت نثفر ،من قرابات الذين استشهدوا في أيام شابور ،بأرض حزّة ،على يد اردشير أخيه ،وكان شيخاً بهياً وفيلسوفاً عالماً ومتعبداً متقشفاً ،ومنه ومن مار إبراهيم عُرفت قوانين الرهبنة ورسومها في بلد الفرس ،وخالف بين زيّ الرهبان …لأن في أيام مار أوجين وطبقته ،كان الرهبان يتزينون بزّي أهل مصر ،فلما جاء هذان (الأبوان)عملا ما يخالف ذلك ،وطكّسا (نظما)الأعمار والقلالي .وكانت قبل ذلك ديارات مثل مار عبدا وما شاكله ،فأقام هذا القديس في مغارة بجبل حزّة مدة ،ثم قصد بيت المقدس ولقي القديسين في برية مصر ،وعاد إلى موضعه ،فأقام فيه ثلاثين سنة ،يتقوّت الخبز وعقاقير الجبل ،لا تلحقه علّة ولا يعرض له مرض)).عاش في نهاية القرن السادس ومطلع السابع .حياته النسكية لم تكن من دون صعوبات ،جهاد في الداخل وفي الخارج ،وكانت العادة منذ زمن آبا الكبير أن يحج أقطاب الرهبنة المشرقية إلى مصر للوقوف على أنماط الرهبنة هناك والتدّرب عليها وقد اقتبسوا الشيء الكثير منهم .بعدها عاد إلى صومعته التي لا تبعد عن قريته (نثفر)سوى ميلين وهناك ألّفّ بعض ميامر في حياة الزهد .وذهب إلى قرى وجبال حدياب للتبشير ووصل إلى أذربيجان .وبعدما تُوفي ،شيّد تلميذه ،الراهب أيوب ،مزاراً _هيكلاً فوق صومعته سكنه بعض الرهبان .

تآليفه :
تذكر مصادر حياة إبراهيم أنه كتب ميامر حول الحياة الرهبانية ،وتفسيراً للأناجيل ،ورداً على البدع،... عبد يشوع الصوباوي يقول ((له مصنفات مختلفة)) ولكن من دون تفصيل .كتاب ((الرؤساء))لتوما المرجي يقول إن الأنبا عنانيشوع : ((استقى من إبراهيم النثفري أسئلة وبراهين )) .ويشير كتاب المجدل لماري أن تلميذه أيوب : ((ترجم ميامره من السريانية إلى الفارسية ).يذكر له السمعاني ثمانية عناوين لميامر قصيرة . قام الأب ريمون تونو بترجمة مقتطفات من كتاباته عن الحياة الرهبانية إلى الفرنسية ،ونشرها في مجلة ((الشرق السرياني))(عدد 2 لسنة1957 ص 337 _351 )،وترجمها إلى الإيطالية (بينا)ونشرها في A . PENNA , INRSO 32 (1957) PP. 415 _431. كما ترجم (مكلين)تسبحة له ((المجد للصالح سرياني ))،وقد نسبتها بعض المخطوطات إلى يوحنا بيث ربان .كما أن (غراف )يشير إلى وجود مقتطفات من ميامره بالعربية . ونشر الأب بولس بيجان مقالة واحدة له،وليس مقالتين كما تذكر خلاصات تاريخ الأدب السرياني وهي في روحانية حضور القداس ،وذلك في ملحق كتاب اسحق النينوي،ليبسيك 1909 ،ضمنّها روحانيته ولاهوته حول حضور المسيح الكامل في القربان ،كما نشر له ميمراً في فردوس الآباء .كما أن الأب شابو نقل بعض أقواله إلى الفرنسية في الجريدة الآسيوية رقم 8 سنة 1898 ص273 .وثمة ميمر محفوظ في مخطوطة سعرد رقم76 .

أطروحاته وروحانيّته :
إبراهيم راهب متمرّس وذو روحانية واقعية ،عميقة ،بعيدة عن النظريات ،منفتحة وواثقة ،يتكلم عمّا اختبره هو وجماعته ،ويدعو تلامذته وقرّاءه إلى عيش مثالية الإنجيل في تفاصيل الحياة اليومية المنوّعة ، وهو إيجابي يشدّ القارىء ،ويشوقّه إلى متابعته ،ويُركّز كثيراً على العلاقات الأخوية كنموذج تعكس العلاقة مع الرب .وإليكم بعض نصوصٍ متنوعة يعكس لاهوته وروحانيته ،وهي موجّهة أساساً إلى المتوّحدين .

نصوص مختارة
أساس الحياة الرهبانية 
((أحفر عميقاً ،في أرض قلبك ،أساس بناء حياة الرهبانية ،حتى يكون البناء كما أوصى السيّد ،مشيداً على الصخرة ،وفي هذه الحال لا نخاف ..خُذ بنظر الاعتبار العسكر المصطف أمامك ،وأنظر مع من أنت تحارب ،وفكر كم أن طبيعتك (البشرية)ضعيفة ،وكم عظيمة الحياة(الروحية)التي تسلك ،وما أبهى التاج الذي سوف يُضفر على رأسك ،وكن (واقعياً)وانظر العدو الواقف أمامك للهجوم عليك)) .(BULLETIN P.17 _18 ) ((أولاً من يخضع لنير المسيح ،عليه أن يملك إيماناً ثابتاً ،وأن يمارس الصوم والصلاة ،وأن يكون حبّه للمسيح ،قبل كل شيء ،حاراً ،وأن يكون متواضعاً ،وديعاً وفطناً .يجب أن يكون كلامه حقاً ولطيفاً مع كل الناس ونفسه طاهرة ..وأن يتكلم في حدود المعقول ،ويضع سياجاً على لسانه حتى لا يتفوه بأشياء غير صحيحة ولا يبالغ في الضحك .كما أنه لا ينبغي أن يُبحث بإفراط عن الملبس ،ويهتم بشعره ويدهنه بالعطور .ولا يتناول الخمور ولا يلبس ثياباً مزركشة ولا يستعمل الشراب إلا باعتدال يتجنب الكلام المنمق ولا يستعمل لغة الحيل ،هكذا ينجو من الغيرة والخصام .ولا يسخر من أحد ، فالسخرية أكثر كرهاً من الموت ،ويسعى ألا تجد لها موطناً في قلبه .يقبل الأذى لنفسه ،ولكن لا يؤذي أحداً أبداً ،هكذا يعيش بعيداً عن القلق .لا ينكّت ولا يستهزيء بأحد من إخوته التائبين عن خطاياهم ،ولا يضحك على أحد أخوته الذين يصومون ،ولا يُخجل من لا يقدر على الصيام)).لا يترك العنان لشهوات المعدة والتقي يكشف له السيد سرّه . ويعوذ من الشرير ولا يقول شيئاً سيئاً على أحد حتى إذا كان عدّوه .. يعطي للمحتاجين بفرح ،ولا يحزن إذا لم يملك شيئاً . لا يتكلم مع الأشرار ولا مع الذين يسبّون ..ولا يتجادل مع الذين يحلفون … لنهرب من الإفتراء ولا نحبنّ الإنسان ذا الكلام المعسول .هذا ما يجب أن يعيشه المتوحّدون الذين يحملون نير المسيح على كتفهم ،عليهم أن يقتدوا بالمعلم الذي كان غنيا وجعل نفسه فقيراً . إنهض يا حبيبي ،وأحبب حظك السماوي هذا ،فالبتولية تشركك في حياة الملائكة وليس لها نظير . هكذا أشخاص يسكن فيهم المسيح .(L’Orient Syrien P.342 –343) .

الأهواء
((لا ترتبك إذا هاجمتك الشهوات الطبيعية ،فهي ضيوف الجسد تأتي إليه .وإن حصل إن سقطت لحظة ما ،فلا تيأس ،إذ ستجد العلاج في التوبة .إن النعمة تغطي كل فشل شرط ألا تستسلم للخصم..إنه من دون شك حصل على ضربة ،إلا أنه لم يغلب ما دفنا لم نفتح له الباب بأنفسنا . لا تترك مثالك حتى لو فرضت الطبيعة عليك قوانينها المحتّمة ،إنها تضايقك لحين ،ولكن لا تخذلك النعمة حين تحوطك الشدة . _انسَ نفسك أمام الله ،ففيه تجد الراحة . _لا تنفك من قراءة الكتب المقدسة ،ومن دراسة العقائد المقدسة . _صبّر نفسك في انتظار تحقيق الوعود ؛فالرجاء يجعلك أقوى . تذكّر :أنك ابن الله ،وأخ لابن الآب الحبيب ،وشريك في مجد الرسل ،ورفيق الشهداء ،ومؤآكل للمقدمين ،ووريث القديسين ،ومدعو إلى وليمة الأنبياء وسعادة الصدّيقين ،ومرتل مع أجواق الملائكة ورفيق السرافيم وعضو في جماعة الكروبيم..(L’Orient Syrien P . 342 –343) إذا تأملت في كل هذه الاعتبارات بتواتر ،فلن ترتكب أعمال الظلام . _إن مقياس الحب هو الامتحان ،ومصداقية الإيمان هي الأفعال .. قلب من دون حب ..هو بذر سقط على الصخر . كتبت لك هذه النظم ،بتنوعها ،حتى لا تقع في الكسل ،ولا تجرّ الآخرين إلى الخطيئة ،فقد يقتدون بك )).(L’Orient Syrien P . 345 ) ((هذه نصيحتي لك :بما أنك ،منذ نعومة أظفارك ،اخترت طريق الصبر ،فأفضل لك أن تعيش في الوحدانية والخلوة ..وتتجنب الحديث مع الناس وكل العوائق التي تفرزها ..اعتبر نفسك كأرض أمام الجميع ،فاعلم أن هناك أملاً .اذرف الدموع ،من دون انقطاع ،فلدموعك جزاء ..حوّل صومعتك إلى محكمة وأدِنْ نفسك بنفسك .. _تجنب المغالاة في نمط حياتك ،وإلا يحصل لك أحد أمرين :في حال محافظتك عليها ،ستعاني ؛وفي حال إهمالك ،ستحاربها بمزيد من ضراوة وعنف .انتبه !قد يقودك الشرير بحجة عمل الرحمة تجاه الآخرين ،إلى حرب .كل متعة تأتيك عن شهوة العين ،أبعدها !كفاك ما تعانيه من اهوائك الخاصة .. منذ الآن يبدأ حاضر حياتك المقبلة فتحقق مشيئة الله كاملة على الأرض كما في السماء . وبحسب نمط حياتك وفطنتك ،يزداد فرحك ،ويتضاعف حتى تحصل في النهاية على الرؤية الملائكية . .(L’Orient Syrien P . 346 ).

الصمت 
هناك صمت اللسان ،وصمت الجسد ،وصمت الحواس ،وصمت العقل ،وصمت الروح . صمت اللسان هو في عدم التلفظ بكلام شرّير أو قاسٍ ولا يجعلك تلفظ كلمة غضب ،ولا كلاماً مثيراً للجدل ،ولا تمل إلى النميمة والافتراء . صمت الجسد هو في عدم الرغبة في القيام بأعمال شرّيرة ،ويكون الجسد كميتٍ غير قادر على القيام بأفعال . صمت الحواس هو عندما لا تثير أفكاراً ضيقة تهدم كل خير . صمت العقل هو عندما يكون خاليا من الدهاء المضر ،أي من الحيل والشيطنة .إنها تهيمن على اولئك الذين يهدفون إلى الفعالية ويخدعون رفاقهم ).(L’Orient Syrien P .347 ) صمت الروح هو عندما لا تستقبل إغراءات الأرواح المخلوقة ،بل تبقى مطبوعة بالكائن الأزلي نفسه وتستجيب لنداءآته . بالنسبة إليك ،إذا لم تكن قد أدركت هذه المعرفة ،فاستمر في الصمت الأدنى ،أي أتلُ المزامير ،ورتّل تسابيح هادئة ،بها تمجدّ الله ..(L’Orient Syrien P . 348).

 الصلاة 
ليس على الأرض ما هو أعزّ على الله ،… من راهب جاثٍ على الأرض ،يصلي دائماً ،فالصلاة مرساة التوبة ،حيث تهدأ كل أنواع الأفكار مهما كانت كثيرة .والندامة التي ترافقها الدموع هي كنز الرحمة ،وغسل القلب ،وسبيل التطهير ،وطريق التجلّيات ،وسلم العقل . الصلاة الدائمة تجعل من العقل صورة الله ،وتؤمن له موهبة إدراك الأمور الصغيرة .وبوقت قليل تكفّر عن ديون الإهمال الطويل ،هذه الصلاة تحوي كل أنواع الزهد وأنماطه ..(L’Orient Syrien P .348).

 المطالعة 
إن قراءة كتاب ،ألفه من قبل روح مطهّر ،قد تحيي أو تميت بشكل خفي الأخ الذي يقرأ من دون تمييز ،لكن توفر الحياة لمن يقرأ باعتناء وحس ثابت . وأنت إذن ،أيها الأخ ،هل تريد اقتناء الحياة عن طريق القراءة ؟ إجمع أولاً أفكارك ،وطهر قلبك من كل اعتبار غريب ..وعندما تكون مستعداً تماماً ،أدخل إلى أعماق قلبك و اشعل بزيت الإيمان سراج عقلك فيضيء في هيكل ((إنسانك الباطن)).وأشدد حقوي ضميرك بنار المحبة ..واقرأ الكتاب المقدس واحذر قراءة كتب البلاغة . _لا تقرأ لمجرد القراءة وإنما اقرأ حتى تفهم . _لا تقرأ وفكرك قلق . _لا تقرأ للمتعة . _لا تقرأ في جمع كثير ،إنما مع واحد أو اثنين . _لا تقرأ من باب الشهوة . _لا تقرأ من دون الرغبة ،لئلا تفقد حكمك الصائب . _لا تقرأ جُملاً عديدة ،وتناقشها بسرعة ،بل اقرأ جملة بعد جملة ،وحللها واكتشف معناها . _لا تقرأ في سبيل أن يمجّدك الآخرون . _إذا صادفت جملاً بسيطة لا ترذلها،وإذا رأيت جملا أصيلة لا تتعجب ،فهناك حقيقة واحدة تقود إلى الرب … وإذا صادفت جملا متناقصة ،لا تخجل من ايجاد حلول لها .(L’Orient Syrien P . 348 –349) _ليكن لك حس للكتب المقدسة ،وشاهد الآراء المتضاربة ،ولكن إبق هادئاً ،فلكل فضيلة مقياسها الخاص والعقلاء ينصحون الذي يود الصعود إلى الأعلى بالنزول ،والذي يود النزول إلى العمق بالصعود . على كل حال ،بالنسبة إليك خُذ هذه النصيحة وتسلّح بها :إن لم تعرف السباحة ،فلا تُلقِ نفسك في البحر .(L’Orient Syrien P .350)

روحانية حضور القداس 
عندما تذهب إلى الكنيسة ،ضع أمامك هذه الحقيقة :إنك إلى السماء مدعو ،وكلّ عملنا هو من أجل السماء ..والكنيسة التي تذهب إليها ،ستجد فيها السيد كما هو في السماء وتجد الملائكة يحتفلون بالأسرار ،ويخدمون القديسين الملتئمين (للصلاة)واحداً واحداً ،فرحين بتوبة الخطأة ،وبتقدم الصدّيقين ويحزنون بسبب أناس من أمثالي .هناك أنفس الأبرار قد بلغت الكمال ،وتُذكر أسماؤهم لما يُقرأ سفر الحياة .المسيح موجود في الوسط في ((العهد الجديد))بجسده ونفسه وكلمته وألمه وألوهيته وبشريته وبصورته ..كما يوجد الثالوث ..وعندما ترى القربان يتقدس ،كن واثقاً من أن المسيح ،من أجلك شخصياً ،يموت ويُذبح سرياً.(ملحق اسحق النينوي ص629 _630 ).((وعندما تحمل القربان لتتناوله قل :أيها الرب يسوع ،إني أحملك من دون استحقاق مني ،فأظهر في سخاء رحمتك وقدرة سرك الرهيب الذي أتناوله من جودك ومن دون استحقاق مني ))(ملحق اسحق النينوي ص632 ).

 
من موسوعة قنشرين للآباء والقديسين
Print
Send to friend
Edit
Back
طباعة
أرسل لصديق
تعديل
عودة
 

 

 
 
         
         
         
   

Qenshrin.com
Qenshrin.net
All Right reserved @ Qenshrin 2003-2015